التشبيه
مقدمة
الحمد لله الذى علم الإنسانَ مالم يعلم وهداه بعد
الضلال وفقه بعد غفله. والصلاة والسلام على ﺃشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله
وصحبه ﺃجمعين. لعلم البلاغة
مباحث كثيرة، لكل منها بيان وفوائد مختلفة. كعلم المعاني هو مايحترز
عن الخطأ في تأدية المعنى الذي يرده المتكلم لإيصاله إلى ذهن السامع أو دراسة تعين
على تأدية الكلام مطابقا لمقتضى الحال.
وعلم البيان هو مايحترز به عن التعقيد المعنوي أي عن أن يكون الكلام غير واضح
الدلالة على المعنى المراد أي وسيلة إلى تأدية المعنى بأساليب عدة بين تشبيه
وكناية ومجاز. وعلم البديع ما يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقه على
مقتضى الحال وفصاحته أي دراسة لا تتعدى تزيين الألفاظ أو المعاني بألوان بديعة من
الجمال اللفظيّ أو المعنويّ.
ولكل من هذه الثلاثة بحث خاص كما فى البيان التشبيه والمجاز
والاستعارة والكناية. فاليوم سنبحث جماعة مايتعلق بالتشبيه تحت هذه المحتويات:
1. مفهوم التشبيه
2. أركان التشبيه
3. طرفا التشبيه
4. أنواع التشبيه
5. أدوات التشبيه
البحث
أ.
مفهوم
التشبيه[1]
التشبيه
لغة هو التمثيل، يقال: هذا مثل هذا وشبهه.
واصطلاحا هو عقد مماثلة بين شيئين أو أكثر وارادة اشتراكهما
في صفة أو أكثر بإحدى أدوات التشبيه لغرض يريده المتكلم.
أسلوب يدل على مشاركة أمر لأمر آخر في صفته الواضحة،
ليكتسب الطرف الأول ( المشبه) من الطرف الثاني (المشبه به) قوته وجماله.
أو هو : إحداث علاقة بين طرفين من خلال جعل أحدهما
- وهو الطرف الأوّل (المشبه)- مشابهاً للطرف الآخر، في صفة مشتركة بينهما.
وفائدته: أن الصفة المراد اثباتها للموصوف، إذا كانت
في شيء آخر أظهر، جعل التشبيه بينهما وسيلة لتوضيح الصفة، كما تقول(زيد كالأسد) حيث
تريد اثبات الشجاعة له، إذ هي في (الاسد) أظهر.
ب.
أركان
التشبيه[2]
وأركان التشبيه أربعة:
1 ـ المشبّه: وهو
الموضوع المقصود بالوصف ؛ لبيان قوته أو جماله ، أو قبحه كزيد.
2 ـ المشبّه به:
وهو الشيء الذي جئنا به نموذجاً للمقارنة ؛ ليعطي للمشبه القوة أو الجمال ، أو القبح
، ويجب أن تكون الصفة فيه أوضح وأقوى كالأسد.
3 ـ وجه الشبه: وهو
الوصف الذي يُستخلص في الذهن من المقارنة بين المشبه و المشبه به ، أو هو الصفة المشتركة
بين الطرفين المشبه و المشبه به كالشجاعة.
4 ـ أداة التشبيه:
هي الرابط بين الطرفين. كالكاف ـ في قولك: (زيد كالأسد) وقد تحذف هذه، كما في (زيد
أسد).
ثم إن الركنين الاوّلين:
المشبّه والمشبّه به يسميّان بـ(طرفي التشبيه) أو (ركني التشبيه).
وطرف
التشبيه على أربعة أقسام:
1 ـ الحسّيان:
بأن يكونا مدركين بالحواسّ الخمس الظاهرة التي هي: (الباصرة، السامعة، الذائقة،
اللامسة، الشامّة) نحو: (خدّك الورد ألّمته الرياح).
2 ـ العقليان:
بأن لم يكونا مدركين بالحواس الخمس، بل أدركا بالحواس الباطنية: وجدانيّاً كان، أم
وهمياً، أم ذهنياً، نحو: (الجهل موت والعلم حياة).
3 ـ المشبه به
عقلي والمشبه حسّي، نحو: (الطبيب الجهول موت معجّل)
4 ـ المشبه به
حسّي والمشبه عقلي، نحو: (العلم كالنور يهدي كل من طلبه)
ث.
أنواع
التشبيه
مفرد مركب تمثيلي ضمني
أولاً : التشبيه المفرد : وهو تشبيه
لفظ بلفظ .
أنواع التشبيه المفرد
1 – تشبيه مُفَصَّل : عندما نذكر الأركان
الأربعة .
مثل : العلم كـالنور يهدي كل من طلبه
مشبّه رابط التشبيه مشبّه به وجه الشبه
2 – تشبيه مُجْمَل : وهو ما حُذِف منه
وجه الشبه ، أورابط التشبيه .
مثل : العلم كـالنور (حُذِف وجه الشبه )
العلم نور يهدي كل من طلبه . (حُذِف
الرابط التشبيه )
3 – تشبيه بليغ : وهو ما حُذِف منه وجه
الشبه و الرابط ، وبقي الطرفان الأساسيان المشبه و المشبه به .
مثل : الجهل موت والعلم حياة .
الصور التي يأتي عليها التشبيه البليغ :
أ – المبتدأ والخبر :
مثل : الحياة التي نعيشها كتاب مفتوح
للأذكياء .
ب- المفعول المطلق :
مثل: تحلق طائراتنا في الجو تحليق
النسور - مشى الجندي مشى الأسد
جـ- المضاف(المشبه به) والمضاف إليه(المشبه)
مثل : كتاب الحياة - ذهب الأصيل على
لُجَين الماء . الأصيل (وقت الغروب ) و اللجين (الفضة) أي الأصيل كالذهب والماء كاللجين.
د- الحال وصاحبهـا :
مثل : هجم الجندي على العدو أسداً .
هـ- اسم إن وخبرها :
مثل : إنك شمس .
ثانياً : التشبيه المركب
أنواع التشبيه المركب :
1 – تشبيه تمثيلي :
هو تشبيه صورة بصورة ووجه الشبه فيه
صورة منتزعة من أشياء متعددة .
مثل : قول الله تعالى :مَثَلُ الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ
سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ (البقرة: من الآية261)
شبه
الله سبحانه وتعالى هيئة الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ابتغاء مرضاته ويعطفون
على الفقراء و المساكين بهيئة الحبة التي أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، والله
سبحانه وتعالى يضاعف لمن يشاء .
ثالثا: تشبيه ضمني :
وهو
تشبيه خفي لا يأتي على الصورة المعهودة ولايُصَرح فيه بالمشبه و المشبه به ، بل يُفْهم
ويُلْمح فيه التشبيه من مضمون الكلام ، ولذلك سُمّي بالتشبيه الضمني ، وغالباً ما يكون
المشبه قضية أو ادعاء يحتاج للدليل أو البرهان ، ويكون المشبه به هو الدليل أو البرهان
على صحة المعنى .
باختصار التشبيه الضمني قضية وهي
(المشبه) ، والدليل على صحتها (المشبه به).
مثل : قال المتنبي في الحكمة :
من يهُن يسهُل الهوان عليه مـا لجُـرحٍ
بميّت إيـلامُ
ما سبق نلمح فيه التشبيه ولكنه تشبيه على غير المتعارف،
فهو يشبه الشخص الذي يقبل الذل دائماً ، وتهون عليه كرامته ، ولا يتألم لما يمسها ،
بمثل حال الميت فلو جئت بسكين ورحت تقطع أجزاء من جسده ما تألم ولا صرخ ولا شكى ولا
بكى، لأنه فقد أحاسيس الحياة ، وبذلك يكون الشطر الثاني تشبيهاً ضمنياً ؛ لأنه جاء
برهاناً ودليلاً على صحة مقولته في الشطر الأول.
ملحوظة
التشبيه الضمني لا تذكر فيه أداة التشبيه
أبداً ، بينما التشبيه التمثيلي غالباً تذكر فيه أداة التشبيه " مثل " .
سر جمال التشبيه: (التوضيح أو التشخيص
أو التجسيم) .
1 ـ أن تكون حرفاً،
كـ (الكاف) و(كانَّ)
2 ـ أن تكون اسماً، كـ (مثل) و(شبه)
3 ـ أن تكون فعلاً كـ (يحكي) و(يضاهى).
ح.
الخاتمة
أن الصفة المراد اثباتها للموصوف، إذا كانت في شيء آخر
أظهر، جعل التشبيه بينهما وسيلة لتوضيح الصفة، كما تقول(زيد كالأسد) حيث تريد اثبات
الشجاعة له، إذ هي في (الاسد) أظهر. هذا غرض التشبيه.
مصادر البحث
حسن عباس فضل. البلاغة
فنونها وأفنانها. الطبعة الرابعة. دار الفرقان للطباعة والنشر والتوزيع. 1997.
عكاوى إنعام فوال. المعجم
المفصل في علوم البلاغة البديع والبيان والمعاني. بيروت : دار الكتب العملية.
1996.
محمد بن عبد الرحمان
بن عمر بن أحمد بن محمد جلال الدين. الإيضاح في علم البلاغة. بيروت : دار
الكتب العملية. 2003.
[1] الدكتور إنعام فوال عكاوى. المعجم المفصل في
علوم البلاغة البديع والبيان والمعاني. (بيروت : دار الكتب العملية. 1996)
[2] جلال الدين محمد بن عبد الرحمان بن عمر بن أحمد بن
محمد. الإيضاح في علم البلاغة. (بيروت : دار الكتب العملية. 2003)
[3] الدكتور فضل حسن عباس. البلاغة فنونها وأفنانها.
الطبعة الرابعة. (دار الفرقان للطباعة والنشر والتوزيع. 1997).
0 komentar: