الكناية

0 Comments

المقدمة
الحمد لله الذي نعبد إياه ونستعين إياه ونطلب منه الصراط المستقيم، وهو الصراط الذين أنعم الله عليهم ولا يغضبون عليهم ولا هم من الضالين. فمن أهمية دراسة البلاغة معرفة الغرض من آيات القرآن غير أن فيها من آيات الأحكام الشرعية الإسلامية، وحياتنا لا تخلو من هذه الأحكام إما في العبادات والمعاملات، إلى الله وإلى الناس كلهم. ولهذه الأهمية علينا دراستها دراسة تامة كلية لا نصفها فنصفا حتى يتحقق في ذهننا هذه المعلومات.
ففي هذه المقالة سنتكلم في الكناية و دراسة تحليلية في آيات الذكر الحكيم، وهي ما يلي.
  
البحث
الألف. التعريف.
هي لفظ يعتمد على معنيين، واحدٌ ظاهرٌ غير مقصود، وآخر مخفي هو المقصود، بمعنى أن تدلّ كلمة أو جملة على شيء معيّن بشكل مباشر، ولكنها تخفي شيئاً غيره بشكل غير مباشر، وتعدّ الكناية من الأساليب اللغويّة المستخدمة في اللغة العربيّة، وترتبط بعلم البلاغة، وهو العلم الذي يُستخدم في صياغة الكلمات بطريقة مؤثرة،
فيقال:  فلانٌ بليغٌ، أي يؤثّر في الآخرين باستخدام أسلوب الكلام المقنع، لذلك تُستخدم الكناية في العديد من النصوص، وخصوصاً في القصائد الشعريّة العربيّة، فحرص أغلب الشعراء العرب في كافة العصور على استخدامها في أبياتهم الشعريّة، لوصف الموصوف في القصيدة بالصفات المقترنة به.\


أ‌.       الكناية في اللغة[1].
الكناية لغة: أن تتكلم بالشيء، وتريد غيره، يقال: كنيت بكذا عن كذا إذا تركت التصريح به، فبابه: كنى يكني كرمى يرمي، وقد ورد: كنا يكنوا كدعا يدعو. وهي من كنيت الشيء أكنيه، إذا ستر بغيره، وقيل: كنانة، بنونين لأنها من “الكن” وهو الستر، و تعريف الكناية مأخوذ من اشتقاقها، واشتقاقها من الستر، ويقال كنيت الشيء إذا سترته، وإنما أجري هذا الاسم على هذا النوع من الكلام لأنه يستر معنى ويظهر غيره، ولذلك سميت كناية.
ب‌.الكناية في الإصطلاح.
لفظ لا يقصد منه المعنى الحقيقي وإنما معنى ملازما للمعنى الحقيقي، أو لفظ أريد به غير معناه الموضوع له، مع إمكان إرادة المعنى الحقيقي، لعدم نصب قرينة على خلافه.
وهذا هو الفرق بين المجاز والكناية، ففي الأول لا يمكن ارادة الحقيقي لنصب القرينة المضادّة له، بخلاف الثاني.
نعم قد يمتنع المعنى الحقيقي لخصوص المورد، كقوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى)[2] فإنه كناية عن القدرة والإستيلاء، ويمتنع المعنى الحقيقي، لامتناع كونه تعالى جسماً.
ومثال الكناية: (فلان كثير الرماد) تريد إنه كريم، للتلازم في الغالب بين الكروم وبين كثرة الضيوف الملازمة لكثيرة الرماد من الطبخ.



الباء. أنواع الكناية[3].
1.   كناية عن الصفة.
هي الكناية التي تدل على صفة تلازم المعنى المخفي في الجملة، ( كالصدق، والأمانة، والاحترام، والكرم، إلخ..)، بمعنى ذكر العنصر الموصوف مع صفة ما، ولكنها ليست المقصودة، وإنما المقصود صفة أخرى، تُفهم من معنى الجملة.
المثال: نرفع القبعة للمعلمات والمعلمين. (المعنى الظاهر: هو رفع القبعة عن الرأس، أما المعنى المخفي: هو احترام، وتقدير المعلمات، والمعلمين.

2.   كناية عن الموصوف.
هي الكناية التي تذكر الصفة، ولا تذكر الموصوف، أي تشير إليه باستخدام شيء خاص فيه، كلقب، أو تركيب معين.
مثال: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ) كناية عن سيدنا يونس.
3.   كناية عن النسبة.
الكناية التي تشير إلى الموصوف، وصفته، ولكنها لا تُنسب إليه مباشرةً، بل لشيء يدل عليه، أو يرتبط به، كالنسبة إلى: حُسن الخلق، وفصاحة اللسان، إلخ.
أو هى التي يصرح فيها بالصفة ولكنها تنسب إلى شئ متصل بالموصوف، (كنسبته إلى الفصاحة  -  البلاغة  -  الخير) حيث نأتي فيها بصفة لا تنسب إلى الموصوف مباشرة بل تنسب إلى شيء متصل به ويعود عليه .
المثال: الفصاحة في بيانه والبلاغة في لسانه، 
كناية عن نسبة هذا الشخص إلى الفصاحة ؛ لأنها في بيانه وإلى البلاغة، لأنها في لسانه.

الجيم. أمثلة الكناية في القرآن.
-        يقصد باليد المغلولة إلى العنق البخل ويقصد باليد المبسوطة الإسراف.
-       لو تأملنا الآية السابقة نجد أن المقصود من هذه الآية ليس المعنى الحقيقي وهو عض اليدين، وإنما يقصد المعنى الخيالي الملازم لذكر هذه الآية الذي يتوّلد ويظهر في ذهننا من: (الندم الشديد) حيث إن من ظلم نفسه بكفره بالله ورسوله ولم يستجب لدعوة الإيمان يرى مصيره المرعب يوم القيامة ألا وهو الإحراق في النار فيندم على ما كان منه في الحياة في وقت لا ينفع فيه الندم ، فيعض على يديه .
3.   قوله تعالى : يا أيُّها الْمُدّثِّرُ (1) قُمْ فأنْذِرْ (2) وربّك فكبِّرْ (3) وثِيابك فطهِّرْ (4)[6].
-       حيث كنى بقوله: (وثيابك فطهر) عن العفة و طهارة النفس، لأن من طهر باطنها عفت نفسه عنى بتطهير ظاهرة.
4.   قول الله تعالى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)[7].
-       فكنّى الله تعالى عن الجماع بلفظ الحرث، لأنها تنبت كما تنبت الأرض.
5.   قول الله تعالى: )فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ).[8]
-       فكنّى الله تعالى عن صَاحِبِ الْحُوتِ بسيدنا يونس


الخاتمة
من هذه الأمثلة نعرف استخدام الكناية في آيات القرآن، من الكلمات التي تستعار لبيان شيء آخر في تلك الآية فيلزم علينا أن نقرأ كثيرا من القرآن وبيانه إما من التفسير والتأويل وإما من البيان في البلاغة لأن لغة القرآن هي أجمل لغة في العربية ونعتمد كثيرا عليه في أخذ الأساليب والكلمات وإلى ذلك.


المصادر
فيود،الدكتور بسيوني عبد الفتاح.بلاغة النظم القرآني (دراسة بلاغية تحليلية لمسائل المعاني والبيان والبديع في آيات الذكر الحكيم).الطيعة الأولى.2010م.جامع الازهر-القاهرة.مؤسسة المختار للنشر والتوزيع
الهاشي،السيد أحمد.جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع.بيروت-لبنانز.دار الكتب العلمية
العالم،الأستاذ محمد غفران زين.البلاغة في علم البيان.فونوروكو.دار السلام للطباعة والنشر



[1] القاموس المحيط، مجد الدين محمد الفيروز آبادي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 4، 1415هـ، (كني)، ص: 1713، وزين الدين محمد الرازي، مختار الصحاح، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1408 هـ مادة (كني) ص: 58، ومعجم المصطلحات البلاغية وتطورها، د. أحمد مطلوب، ط 1، 1427هـ، 2006م، جـ3/154. 

[2]  طه: 5.
[3]  الأستاذ محمد غفران زين العالم.البلاغة في علم البيان.فونوروكو.دار السلام للطباعة والنشر.
[4]  الإسراء : 29
[5]  الفرقان : 27
[6]  المدثر 1-4
[7]  البقرة :223
[8]  القلم:48

Intelektual Muslim

Some say he’s half man half fish, others say he’s more of a seventy/thirty split. Either way he’s a fishy bastard.

0 komentar: